تأثير ال ai على سوق العقارات

 تحوّل اقتصادي يقوده الذكاء الاصطناعي

في ظل التطورات الاقتصادية المهولة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أعمدة التغيير القادمة، إذ يُمثل “الفصل القادم من الرؤية التي وضعها سمو ولي العهد” والتي تهدف لتحويل المملكة العربية السعودية لأكبر سوق للبيانات والذكاء الاصطناعي من الآن وحتى حلول عام 2030.

تلك الرؤية الطموحة لا تقتصر فقط على القطاعات التقنية أو الصناعية، بل يمتد تأثيرها لتطال قطاع العقار والذي يُعد أحد أبرز أعمدة الاقتصاد السعودي بل وأكثره ارتباطًا بحياة الأفراد والمستثمرين على حد سواء.

لكن السؤال الأهم هُنا:

كيف سيعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل ملامح السوق العقاري في المملكة؟

وكيف سيغير دخول الذكاء الاصطناعي طريقة عمل الشركات العقارية، ويُعزز عوائد المستثمرين في السوق العقاري؟

هُنا، سنُسلط الضوء على أبرز التأثيرات للذكاء الاصطناعي على السوق العقاري، بالإضافة إلى تحليل واقعي للفرص والتحديات التي أوجدها، ثم ربطها بالخدمات التي يقدمها القطاع الخاص لتعزيز الاستدامة والنمو.

1. دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز زخم السوق العقاري في المملكة

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية نظرية ولا نظرية افتراضية أو رفاهية مستقبلية، بل أصبح واقع يُعاش و أداة عملية تُعيد رسم آليات السوق العقاري.

وذلك من خلال قدرته الفائقة على تحليل البيانات الضخمة والمعقدة والتنبؤ بالاتجاهات، إذ بات بالإمكان اليوم تحديد المناطق الواعدة للاستثمار العقاري وذلك بالاعتماد على معلومات مدروسة وبيانات معتمدة، سواء في قطاع السكن أو التجارة أو التطوير العمراني.

فعلى سبيل المثال، إذ يُمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي الحديثة تحليل مئات الصفقات العقارية التي تمت سابقاً وربطها بعوامل اقتصادية وسكانية حالية، بهدف تقديم توصيات دقيقة حول أسعار الأراضي أو الشقق العقارية خلال السنوات القادمة.

الأمر الذي يمكن المستثمرين من قراراتهم بثقة أكبر على الأقل في البداية، وذلك في الوقت الذي كانت فيه هذه القرارات تعتمد سابقًا على الحدس في بعض الأحيان أو الخبرة الشخصية في أحياناً أخرى.

والنتيجة الأكبر لهذا التطور، يأتي في أن دخول الذكاء الاصطناعي على مجال التطوير العقاري يدعم بشكلٍ كبير هدف المملكة في بناء “صناعة” عقارية مستدامة، وذلك من خلال توظيف البيانات في تحسين الكفاءة وتقليل الهدر، سواء كان ذلك في الطاقة أو المواد أو حتى في إدارة المشاريع.

وفي المدن الكبرى السعودية مثل: الرياض وجدة، يُمكن لهذه التقنيات المتطورة أن تساهم بشكلٍ كبير في تنظيم التوسع العمراني، وذلك لتحقيق توازن بين الزيادة السكانية والحفاظ على البيئة.

إذ يهدف هذا التحول لجعل السوق السعودي أكثر جذبًا للمستثمرين المحليين والأجانب على حدّ سواء، خصوصًا مع تسارع المشاريع العملاقة في السوق السعودي مثل “نيوم” و”ذا لاين”، والتي تُبنى من الأساس لتكون مدنًا ذكية بالكامل تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتقديم تجربة حياتية جديدة متطورة لسّكان في المملكة.

2. كيف غيّرت التكنولوجيا الذكية إدارة العقارات في السعودية؟

كانت تجربة العقارات في الماضي معقدة وصعبة ومليئة بالتحديات والمجازف، وذلك بدءًا من المتابعة الضرورية والصيانة الدورية وصولاً إلى متابعة حالة الإيجارات والتحصيل.

أما اليوم تغيّرت تلك القاعدة، إذ شكّل الذكاء الاصطناعي أداة فعّالة لإدارة العقارات باحترافية كبيرة.

وذلك عبر استخدام أنظمة ذكية، منها تلقي مالك العقار إشعارًا فوريًا عند وجود أي خلل في المبنى، وتمكنه أيضاً من معرفة حالة السداد والإشغال في لحظتها، مما يوفّر وقتًا وجهدًا كبيرين على المالك.

فعلى سبيل المثال، بعض الشركات العالمية الكبيرة في المجال، طوّرت أنظمة صيانة سُميت بـ “الاستباقية”، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث تتنبأ تلك الأنظمة بالأعطال قبل وقوعها.

أي تخيّل أنه بمجرد الاشتراك بالتطبيق أو الخدمة يتم إرسال إشعار لك بأن المصعد بحاجة إلى دورية صيانة قبل أسبوع واحد فقط من توقفه الكامل عن العمل — هذا قد لا يحمي البُنية التحتية فقط، بل قد يرفع من مستوى رضا المستأجرين عن عقارك.

وفي هذا السياق، يبرز عمل ودور بعض المواقع والمنصات المحلية والتي تقدم خدمات إدارة العقارات المختلفة باحترافية عالية، عبر توظيف أحدث الاتجاهات التقنية في المجال.

وهذه الخدمات لا تقتصر فقط على متابعة العمليات اليومية فقط، بل تمتد لتقديم حلول تعمل على تقليل الأضرار وتزيد من كفاءة الاستثمار في العقار.

وتدرس بعض الشركات السعودية تبنّي هذا النهج والذي سيمكنها من تقديم تقارير شهرية وربما رُبع سنوية للمالكين، إذ تتضمن تلك التقارير: نسب الإشغال، العوائد المالية، ومعدلات الاستهلاك، والذي سيمنح المستثمرين وضوحًا غير معهود في إدارة أصولهم العقارية.

3- تسويق عقاري ذكي: كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة؟

من أبرز التأثيرات المباشرة للذكاء الاصطناعي في السوق العقاري السعودي تنطبق على التسويق الرقمي.

إذ لم يعد الإعلان عن العقار يقتصر على صورة في صحيفة أو لوحة إعلانية كبيرة في شوارع المملكة، بل تحول لعملية ذكية مدروسة تعتمد على تحليل اهتمامات الجمهور المستهدف وسلوكياته على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

اليوم، يمكن لخوارزميات التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي أن تحدد الشرائح الأكثر احتمالاً للشراء أو الاستثمار، وتضع أمامهم إعلانات مخصصة وموجهة تتوافق مع قدرتهم الشرائية، لتشجيعهم على الاستثمار.

على سبيل المثال، إذا كان راشد من سكان المملكة وفي الثلاثينيات من عمره يبحث عن “شقق تمليك في شمال جدة”، فإن الإعلان الذي سيشاهده سيكون مختلفًا تمامًا عن الإعلان الذي سيظهر لسلمان في العقد الخامس من عمره والذي يبحث عن “فلل واسعة في جدة تناسب عائلته الكبيرة”.

أما عن التحول الأبرز فهو “الواقع الافتراضي” (VR) و”الواقع المعزز” (AR) وهو الذي غيّر المشهد العقاري، حيث تمكن المشتري من أن يقوم بجولة افتراضية داخل الشقة أو المكتب الذي ينوي شراءه وهو جالس في منزله على حاسوبه الخاص.

هذه التجربة لا توفر الوقت والجهد فقط، بل ترفع احتمالية اتخاذ قرار الشراء بسرعة وثقة أكبر.

هُنا يبرز دور تلك الشركات والتي تقدم خدمات التسويق والوساطة العقارية، وهي واحدة من الخدمات التي نقدمها باحترافية عالية، يمكنك التواصل معنا من هنا إذ تعمل بعض الشركات على الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتقنيات البصرية المتطورة بهدف تقديم تجربة تسويقية غير مسبوقة.

وقد لا تكتفي هذه الشركات في المستقبل القريب بالإعلان فقط، بل تنظّم أيضًا مزادات قضائية وخاصة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتي تجعل العملية أكثر شفافية وسرعة.

4-أبرز التحديات التي تواجه الوسطاء العقاريين في عصر الذكاء الاصطناعي

رغم توفير الفرص الكبيرة، إلا أن الذكاء الاصطناعي أوجد معه تحديات حقيقية وصعبة للوسطاء العقاريين.

أول تلك التحديات التي أوجدها الذكاء الاصطناعي هو الخوف المعهود للعاملين في المجالات المختلفة، وهو التخلي عنهم وفقدان الدور التقليدي لهم، حيث يفضّل بعض العملاء التعامل مباشرة مع منصات إلكترونية تقدم توصيات مدعومة بالبيانات.

لكن في الحقيقة أن دور الوسيط لن يختفي، بل سيتطور وسيصبح دوره الرئيسي أشبه بالمستشار الذي يفسّر ويحلل البيانات ويعطي قيمة مضافة لا تستطيع التقنية تقديمها بمفردها.

فدور الذكاء الاصطناعيّ قد يقتصر على إخبارك أن “هذا الحي سيشهد ارتفاعًا في الأسعار خلال خمس سنوات قادمة”، لكن دور الوسيط هنا هو شرح الأسباب لك خلف ذلك، ثم ربطها بالسياق الاجتماعي والاقتصادي فيما بعد.

ويتمثل التحدي الآخر في أمن البيانات العقارية، والتي تجمع بيانات حساسة جداً بل وخاصة عن العملاء والمستثمرين تحتاج إلى أنظمة حماية قوية جداً لتجنب أي اختراقات.

وهذا بدوره يتطلب استثمارات إضافية وتحديثات مستمرة لتجنب أي عمليات اختراق.

Scroll to Top